قال أحمد أبوبكرة الترباني : ضَبط أسماء القبائل تؤخذ على السماع ولا يدخله القياس ، قال الخطيب البغدادي في ( غُنية الملتمس ) ( ص4 ) : ( وأسماء الرواة تؤخذ سمعاً لا قياساً ) وقال النسابة الشريف ابن الجواني في (مختصر من الكلام ) ( ص 19 ) : ( فإن هذا العلم ليس يجري بين الناس بالقياس ، وإنما هو بالخلف عن السلف من أهل الحفظ والإتقان والدراية ) وقال نجم الدين الطوسي في ( مختصر شرح الروضة ) ( 476 ) : ( وليس الخلاف في أسماء الأعلام ، كزيد وعمرو ، ولا في أسماء الصفات ، كعالم وقادر ، إذ هذا متفق على امتناع القياس فيه ، لأن الأعلام ثابتة بوضع الواضع لها باختياره ... ) وقال الحافظ مغلطاي في ( الإيصال ) ( ص 172 ) : ( وعلى الحقيقة لا تؤخذ هذه الأشياء بالقياس ، وإنما تؤخذ نقلاً ) .
ومن قال بالقياس فقد وهم ؛ لأن القياس تصرف بالاسم على خلاف مراد ولدهُ ، قال النسابة الشريف ابن الجواني في ( مختصر من الكلام ) ( ص 16) : ( فكيف يمكن أحداً أن يُسمي أبا الإنسان بخلاف ما يقوله ولدُه ؟ هذه إرادة وأخذ بالأطواق ، وليس عليها اجماعٌ ولا اتفاق ) وقد رد الحافظ الخطيب البغدادي على من قال بالقياس في ضبط أنساب وأسماء الرواة في ( الغُنية ) ( ص4 ) حيث قال : ( ولو كان الطريق الذي سلكه مُنازعك صحيحاً ـ أي القياس ـ ؛ لقل تعب أصحاب الحديث ، ولاستراحوا من نظرهم في مختلف الأسماء والأنساب ، برّدهم الشيء إلى ما يقاربه ... ) .
فالاسم أو النسب يُضبط سماعاً من صاحبه ولا يُقاس فيه ، وإلا تصرفنا بالاسم على خلاف تصرف ولدُه ، وهنا يقع الخلط والغلط ، فلو كان الرجل له من الأبناء : ( مُـحُمد ـ بضم الحاء ـ و مُحَمد ـ بفتح الحاء ـ ) أو ( مُحَمد و مِحِمد ـ بكسر الميم والحاء ـ ) فهل يجعلهما بفتح الحاء على القياس ؟!!
فإن هذا يجعل الطالب أو العالم لا يُميز بينهما وقد يذهب الاعتقاد إلى أن كلاهما واحد ؛ لأن هذه التسميات منتشرة في الأُسرة الواحدة وخاصة في بادية فلسطين ، فإن الرجل منهم يسمي أولاده بــ ( مُحَمد و مِحِمد بكسر الميم والحاء ) فهنا الأصل للتمييز بينهما على السماع من أصحابها .
وأهل اللغة منهجهم في ضبط الأنساب والأسماء على ( القياس ) وهو مدعاة للوهم وفيه تصرف بالاسم على خلاف تصرف أهله فيه ، قال القاسم بن سلّام كما في ( الكفاية في علم الرواية ) ( 182 ) للخطيب البغدادي : ( لأهل الحديث لغة ولأهل العربية لغة ، ولغة أهل العربية أقيس ، ولا تجد بداً من إتباع لغة أهل الحديث من أجل السماع ) .
فأهل اللغة لهم قواعد أخذوها بالاستقراء سواء بالصرف أو النحو ، ويهمنا هنا الصرف ، فقد يطرأ لهم اسم أو نسب فيخضعونه للقياس فيأتي عندهم ضبطه ، وأما أهل الحديث وأهل النسب فأخذوا الأسماء والأنساب من أفواه أصحابها ، ولهذا فإن الذي يأخذ النسب مشافهة من أصحابه أصح وأدق ممن لا يأخذ النسب أو الاسم من صاحبه فيقوم ويخضعه للقياس .
وكتبه
أحمد
أبوبكرة الترباني