العلامة الأصل فيه للنسابة





        العلَامة الأصلُ فيه للنسّابة



زُرتُ شيخنا ( محمد بن عمر بن سالم بازمول ) ـ حفظه الله ـ يوم الخميس بتاريخ 7/7/1437هـ بعد صلاة المغرب برفقة حبيبنا وأستاذنا (  الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير ) للسلام عليه والاستفادة من علمه ، وبعد أن أكرمنا ـ حفظه الله ـ دار في مجلسه العامر نقاش علمي حول عناية أهل الحديث بالأنساب ، ومما أتحفنا به ـ حفظه الله ـ فائدة جليلة حول معنى لقب ( العلامة ) وأن الأصل فيه لمن يشتغل في الأنساب .
وقد نشر شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ هذه الفائدة ضمن الفوائد التي نثرها بيننا حيث قال : ( فضَّل علي سيادة الشريف إبراهيم ألأمير، بزيارة مع فضيلة الشيخ أبي مشعل أحمد الترباني حفظه الله، وكان مما دار في المجلس بعض الفوائد التي انتثرت في المجلس ، فأردت عقد نظامها في هذا المنشور:
فائدة (1) :
( العلامة (  الأصل فيه أنه يطلق على العالم بالأنساب ؛ لأن مادة (ع. ل. م) تدلُّ على أثَرٍ بالشيء يتميَّزُ به عن غيره ، انظر: مقاييس اللغة (4/ 88). والعالم بالأنساب يميز الناس بأنسابهم، فهو (علام) و ( العلام ) من (علم) للمبالغة والنسابة، وتزاد التاء لتأكيد المبالغة تقول فلان علامة ، المعجم الوسيط ( 2/ 624 ) ... ) .

قال أحمد أبو بكرة الترباني : ولتأكيد هذه الفائدة العزيزة من شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ :

 ما جاء في الحديث الضعيف والذي أخرجه ابن عبد البر في ( الجامع ) ( رقم 849 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : (  أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى جَمْعًا مِنَ النَّاسِ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ عَلامَةٌ ، قَالَ : " وَمَا الْعَلامَةُ ؟ " قَالُوا : أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِعَرَبِيَّةٍ ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِشَعْرٍ ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعَرَبُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَذَا عِلْمٌ لا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لا يَضُرُّ ) .
وعلى عدم نسبة هذا الحديث للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونكارة متنه كما قال ابن حزم في ( الجمهرة ) ( ص4 ) : ( وهذا باطل ببرهانين: أحدهما: أنه لا يصح من جهة النقل أصلاً، وما كان هكذا فحرام على كل ذي دين أن ينسبه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ؛ خوفً أن يتبوأ مقعده من النار، إذ تَقَوَّل عليه ما لم يقل؛ والثاني: أن البرهان قد قام بما ذكرناه على أن علم النسب علمٌ ينفع، وجهل يضرُّ في الدنيا والآخرة، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  يتكلم في النسب .. ) .

 إلا أن في هذا الخبر الضعيف ما يُبين أن الأصل في ( العلامة ) يُطلق على ( النسابة ) .

قال ابن منظور في ( اللسان ) ( 2/266) : (والعلام والعلامة : النسابة ، وهو من العلم  ( .

قال الزبيدي في ( التاج ) ( 1/ 7826 ) : (العلامة والعلام : النسابة ) .

قال علي القاري في ( عُمدة القاري شرح صحيح البخاري ) ( 2/ ص 3 ) : ( والعلام والعلامة : النسابة ) .

وقد أخرج الإمام مسلم في ( صحيحه ) ( 1978) قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ ) ومنار الأرض هي  علاماتها من الدلالات والإشارات ، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في ( مجموع فتاوى ) ( 9/216 ) : ( قوله : ( منار الأرض ) أي : علاماتها ومراسيمها ... )  وكذلك علامات الناس هي أنسابها حيث نقول : (طائي أو جُذامي أو قُرشي أو لخمي أو كِندي أو مذحجي أو أزدي .... الخ ) فهذه علامات العرب ،  فـذاك من ( لخم ) علامة لذاك الرجل و ذاك من ( جُذام ) علامة له ، فالأنساب علامات الناس ، فإذا كان من يُغير ويتلاعب بعلامات الأرض ملعون فما بالك فيمن يُغير ويتلاعب بعلامات الناس وهي ( الأنساب ) .
وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صباح أبو بكرة الترباني
11/7/1437هـ .