الأمالي التُربانية ... { المجلس السابع } .. { بنو نسيم ... وشيء عن الشِعر العامي } .



الْحمد للهِ رَبِّ العالمين وَ الصّلاةُ وَآلسَّلامُ على رَسول الله وعلى آلهِ وصَحبهِ أجْمَعين وَبَعْدُ :

قرأتُ بعضُ الأبياتُ الشِّعرية ـ العامية البدوية ـ لأحد الشُعراء والتي مَطَلَعها :
حَيّ نَّسيم جَّاب ذِكراكمْ          باردٌ نِسناس ذَّنّينّه
ذَكَّرْ العاشِق بنَّجواكم             بالمَّنام ولا غَضَّت عَينه

فَعَلَّقت بي كَلمَةُ { نَّسيم } هذا الهَواء الزْاكي والذي تَطرَب لهُ القُلوب وَتَسّعَدُ لاسّتقباله ، وَطالَما نَحنُ في حَوش الشِّعر العامي ، لابدَّ أن نَتَطرق قَليلاً إلى بعضُ دَّواليبُ هذا الشِّعر وأنواعه  .  
فَقَد تَطَرَقَ ابن خَلدون لهذا الأمرُ في مُقدِمتهِ وذَكَرَ بَعضُ أنواع هذا اللون مِن الشِعر : ( الشِعر الهِلالي ، الشِعر الهلباوي  ) وأما { الحوراني } فهو نوع من الألحان  التي يُغنى بهِ هذه الأشعار كـ{ الصخري } نسبة لقبيلة بني صخر الكريمة ، وهو لحن من الألحان التي يُغنى به بعض الأشعار على الربابة ، كما وضَّح ذلك الدكتور { سعد الصويان } في دراستهِ لهذا الفَنْ .

والشِعر الهِلالي  : هو نِسّبةٌ لقبيلة بني هِلال العريقة .
والشِعر الهلباوي : هو نِسَبةٌ لقبائل هلبا سويد مِن جُذام العريقة والتي خرجَ مِنها بطون عريقة وكبيرة في مِصر والشام والأندلس وغيرها ، ففي الشام  وخاصة حَوشُ النَّقبْ مِمن يَرجعُ لسويد جُذام { بني عطية ـ عُربان غزة ـ الترابين ، الوحيدات ، المساعيد ، الرتيمات ...... الخ }  .
فقبائل { بني هلال و هلبا جُذام } مِن أول القبائل العربية التي سَّلَكت هذا اللون مِن الشعر ، وقد قَيدَّ إبن خَلدون هذا اللون في مُقَدِمته ..

فَمِن أشعار { هِلبا سويد مِن جُذام } والتي قَيدها إبن خلدون ، تقول :
يقول الرديني والرديني صادق             يْهيّيّ بيوت محكماتٍ طَرايف
والرديني بطنٌ مِن هلبا سُويد جُذام  .

وَنَّعود إلى كَلِمة { نَّسّيم } فَمِن بني سَعد خَولان ، بَطنٌ يُعرف بِبني نَّسّيم مِن بني غالب مِن سَّعد خولان ، فَفِي ذلكَ يقول عمرو بن زيد الغالبي :
واني إلى سعد نسيت أباهم                إلى نسب من خَرْم عمرة ثاقبِ
سراة بني جبر ونسيم أخوتي               وحيّاً مقيس من سلالة غالب
ألاك بنو السادات من آل غالب          إذا اعتقلوا منها رفيع المناكب

ذَكر هذا أبو الحَسن اليمني القُرطبي في { التعريف بالأنساب } ( ص80 ) .

وهُناك امرأة كانت تُدعى { نسيم الصبا } وهي زوجَةُ ابن الجوزي صاحِبُ التصانيف  ، فَقد ذَكَرَ ابن حجة الحموي في { ثَمارات الأوراق } ( 1/11 ) : ( وكان لابن الجوزي رحمه الله تعالى زوجة أسمها نسيم الصبا فاتفق أنه طلقها فحصل له عند ذلك ندم وهيام أشرف منه على التلف فحضرت في بعض الأيام مجلس وعظه فحين رآها عرفها فاتفق أنه جاءته امرأتان وجلستا أمامه فحجبتاها عنه فأنشد في الحال:
أيا جبلي نعمان بالله خليا           نسيم الصبا يخلصْ إلي نسيمها
.. ).

وكتبه وأملاه :
أحمد بن سُليمان بن صَبَّاح أبو بكرة التُرباني