الأمالي التُربانية ... { المجلس الرابع } .. { مَسّألة تَفرد بَعَض الأنسّاب بِحركات كَالضَم والكَسّرِ دُون غَيرُها } .



الْحمد للهِ رَبِّ العالمين وَ الصّلاةُ وَآلسَّلامُ على رَسول الله وآلهِ وَصَحبهِ أجمَعين وَبعدُ :

في شَهرُ شَّعبان المَاضي ( 23 / 1435هـ ) في زِيارَتُنا للعَلامة ( رَبيع بن هادي المَدخلي ـ حَفِظهُ الله ـ ) أطَلَعتُ عَلى كِتاب { مَدخل إلى تَاريخ نَشر التُراث العربي ـ مع مُحاضرة في التَّصحيف والتَحريف ـ } في مَكتَبته ؛ وَكانَ اطِّلاعي عَلى عَجَّلْ ؛ فَقيدتُ مِن هذا الكِتاب فائِدة طَيبة أحتاجُها في رُدودي عَلى العَابثينَ في أنسَّاب العَرب ..
فَلَصِقَ هذا الكِتاب في ذِهني ، فَقلتُ في نَفسي أوَل ما ارجِع إلى الأردُن ابحَث عَن هذا الكِتاب واطَّلِع عَليه .
وَربُكَ كَريم ، حَيثُ أرسَلَ أحدُ الأخوة لَنا هذا الكِتاب إلكترونيا عَبر الايميل .. فقرأتُ ما دَّونه الأديب { محمود الطناحي } وَقَّيدتُ ما وَجبَ تَقييدهُ مِن الفَوائدْ ..
وَسُبحان الله ، الفَائدة تَسحَبُ أختِها ، فَقد تَقَع عَلى فَائدة في الأنسّاب ، فَتَّتذكر فَوائد أخرى كُنتَ قَد قَيدتُها قَديماً في هذهِ المسألة ..
وَمِن هذهِ الفَوائد تَصحيف بَعض أهل العِلم لقَول : ( لا يُوَرَّث حَميلٌ إلا بِبينة ) والحميل : ما يُحمل مِن بِلاد الرُوم وَغَيرُها مِن السَّبي وَهم صِغار ، فَيدَّعي بَعضُهم أنسّاب بعض فلا يُقبل ذَلِكَ إلا بِبينة ..

فَصَّحفَها البَعض وَقالوا : ( لا يَرثُ جَميلٌ إلا بثينة ) ( ! ) وجميل هو : جميل بن مَعمر العُذري .. فَظَنّوا أن { حَميل } هو { جميل } و { بينة } هي { بُثينة } ( !! ) ..
وَقَد صَنَّف العَسكري كِتاباَ في التَصحيف سَمَّاه { تَصحيفات المُحدثين } فَالتَصحيف يَقع فيه أهلُ اللغة والحَديث .

وَفي عِلم الأنسّاب مَسالةٌ مُهمة جِداً وَهيَ : { الحَرَكات في تَمييزُ الأنساب } فَالعَرب تَشترك في المُسَّميات وَلكن لِكُل اسم ميزةٌ ، يَعرِفُ هذا المُطَلع وَ { دُّودَّة الأنسّاب } وَأمّا المُتَطَّفل عَلى عِلم الأنسّاب دُونَ دِراسة وَطَلبْ فَيقع عَلى خَشّمه وَما أكثَرُهم اليَوم ..

وأضرِبُ لكَ المِثال كَي يَتَضِحُ لَكَ المَقال :

لا يُوجَد { شُمس } بِضم الشّين إلا في أنسّاب أهلُ اليَمن ، وكُل ما جاءَ في قُريش فَهوَُ بِفَتح الشّين { شَمس } فالحَركة هُنا وَضَّحتْ لَنا الأنسّاب ، فَقد يأتي أحدُ المُتَّطفلين عَلى الأنسّاب والذين لَم يَشّرَبوا مِن يَنابيع هذا العِلم فَيربُط بَينَهم بِصِلة نَسَّب ( !! ) وَهم اليَومَ كَثير لأنهم بالأصلِ هُم { عَوام } ودَّحشّوا خشّومِهم في هذا العِلم الشّريف ..

وأيضاَ هُناك أسماء قَبائل تَفَرَّدت بِحَركة إما بِضم أو بِكسّر ، مِثلُ : ( عُدُس ) بِضم الدال ، وهَم بَطن مِن تَميم ، ولا تُعرَف قَبيلة بِهذا الاسم { عُدُس } بِضم الدال إلا عُدُس تميم .. وأما سَّائِر العِدوس في العَرب فَبِفَتح الدال .

وَقد ذَكرَ هذا كُله الأديب ( أحمد تَيمور باشا ) في مُختاراتهِ ( ص 18 ) .

وكَذلكَ نَقلَ عَن " الكَامل لابن المُبرد " قَوله : ( كُل نِمر في العرب " مكسور النون " إلا النَّمر بن تَوّلَب ) . أي : كُل نِمور العَرب بِكسّر النون إلا النَّمر بن تَوّلب بالفتح ..
فَمن يَجهل هذهِ المَسائل يَقعُ عَلى أم رأسِّهِ ويُسيء للأنسّاب فِي رَبطهِ لهذهِ البطون المُتَباعدة نَسَّبياً ..

كَتبه وأملاه :
أحمد بن سُليمان بن صَباح أبو بكرة التُرباني