إعلام أهل الفن في توبيخ وزجرِ من يَنسُب الناس بالظن


 


    إعلام أهل الفن في توبيخ وزجرِ من يَنسُب الناس بالظن


 

                           بقلم

         أحمد بن سُليمان بن صبَاح أبو بكرة الترباني



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين وبعد :

ظهر بعض المُتنَّطعين والذين } دَّحشوا { أنوفهم في ( عِلم الأنساب ) بجهل ( !! ) وصاروا  يُقَّعِدوا قواعد تَصُب في حِجر الأدعياء ، حتى مَّيعوا عِلم النسَّب الشريف وجعلوا بابه مُشرعٌ لِكُلِ من هَب ودَّب وخاصة في ( أنساب آل البيت ) .

وقد كثُرَ في هذا الزمن استعمال } لُعبة الظن ـ الشك والتخمين ـ  { في ربط الأنساب من بعض الجهلة ، وصاروا يُلحقوا الزنيم بالنسب الهاشمي بـ ( الظن !! ) ويدَّحشوا النبط في لُب العرب ومعاليقُها بـ ( الظن ) !! .. فلا حول ولا قوة إلا بالله ..

وقد جعلت رسالتي على هذا المنوال :

1ـ تعريف الظن .

2ـ  لا يجوز الحُكم بالظن في أرحام الناس .

3ـ استعمال الظن في الأنساب من عادة أهل الكذب والارتياب .

4 ـ أمثلة على استعمال الظن في الأنساب عند الجهلة .

ونشرع في لُب الرسالة



باب ( 1 ) ـ ( تعريف الظن ) .

الظن  هو الشك خلاف اليقين .

والظن أنواع ؛ منه ( الكذب ، التهمة ، الحسبان ، الشك ، اليقين ) ومعنى اليقين هنا ( !! ) خارج عن محور رسالتنا ، لأن اليقين هو الاعتقاد على علم .

أما الظن الذي نحن في صدد توبيخ من يسلك مسلكه فهو ( الشك والارتياب والكذب ) الخالي من الأدلة والبراهين .

قال تعالى : {إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين} [الجاثية:32]. وقال : {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} { يونس 36 }.

قال الطبري في ( تفسيره )[1] : ( القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين إلا ظنا، يقول: إلا ما لا علم لهم بحقيقته وصحته، بل هم منه في شكٍّ وريبة ..... ).

قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ... )[2]..

ولأنه خالي من الدليل والبرهان صار كذباً .

قال العسكري في ( الفروق )[3] : ( والشاك يجوز كون ما شك فيه على إحدى الصفتين لأنه لا دليل هناك ولا إمارة ) .

 واستعمال الظن عند الأصوليين من باب الترجيح لكن على ضوء حجة وبرهان ، أما هؤلاء الذين دَّحشوا أنوفهم بعلم النسب فهم يستعملون الظن ( !! ) بلا حجة ولا برهان ، إنما هكذا ( عنزة ولو طارت ) ترجيح خالي من القرائن العلمية .. وهو ارتياب وكذب 


باب ( 2 ) ـ (  لا يجوز الحُكم بالظن في أرحام الناس )

من نظر إلى منهج بعض أدعياء علم النسب اليوم ( !! ) وركوبهم مركب ( الظن ـ الشك والارتياب ـ )  يعلم خطورة هذا المنهج المسخ ( !! ) .

فهل يُعقل أن يقول أحد العقلاء : } أظن أنا أبن فلان !! { أم يقول : } أجزم أني ابن فلان بن فلان { .

وإذا زعم أحد أدعياء علم النسب ، أن فلان من القبيلة الفلانية بـ ( الظن !! ) فنطالبه بإثبات ذلك ببرهان واضح ، فإن لم يستطع إثبات ظنه ببرهان علمي فهذا فساد وظُلمة .

فكل قول لم يقم على نص وبرهان فهو ساقط لا عبرة به .

والمصيبة أن بعض هؤلاء الأدعياء يستعملونه في أرحام الخلق ( !! ) وخاصة في نسب ( آل البيت ـ رضوان الله عليهم ـ ) وهذا النسب يترتب عليه أحكام شرعية ، فلا يُقبل أي قول إلا بحجة وبرهان علمي وليس بالظنون والشكوك .

قال القرطبي في ( تفسيره )[4]  في حالة الظن الخالي من الدليل والبرهان : (أن يقع في النفس شيء من غير دلالة فلا يكون ذلك أولى من ضده ، فهذا هو الشك ، فلا يجوز الحكم به، وهو المنهي عنه على ما قررناه آنفا ).



باب ( 3 ) ـ ( استعمال الظن في الأنساب من عادة أهل الكذب والارتياب ) .

من عادة أهل الإدعاء والكذب أنهم يُكثروا من استعمال هذا المسلك المسخ ( !! ) .

وما أجمل قول النسابة ابن الجواني : : ( أظنه فلان بن فلان بن فلان، والأنساب لا تثبت بالظن في الانتساب، فلا يحتج بالظنون إلا كل مرتاب دعي كذاب، كلامه مضطرب الهندام، كأنه تجربة الأقلام.)[5] .

وهذا والله هو الحق ، فمن نظر إلى منهجية أدعياء النسب وكيف عاثوا في انساب العرب ، عرف أن هذا القول قد ضرب مفاصل الصواب .

فمن استعمل الظنون في ربط الأنساب فهو كذاب مرتاب .


باب ( 4 ) ـ (أمثلة على استعمال الظن في الأنساب عند الجهلة ).

عندما تقوم الحُجة على بُطلان نسب ما ، وبيان أن فلان غير مُعقب أو مُختلق وليس له ذكر من بين أعقاب المُنتسب له ( !! ) يتحول بعض الأدعياء بدون حجة وبرهان إلى الحيلة المكشوفة باستعمال ( الظنون ) ( !! ) فقط لإثبات ما يريدون ولو بالجهل والكذب .. وهاك أخي الكريم بعض الأمثلة والتي سَبَّرتُها من مناهج بعض الأدعياء :

يشتهر نسب ما ، بأنه من عقب الحسن العسكري ( !! )  فتقوم الحُجة على إثبات أن لا عقب قائم للعسكري ( !! ) فيفروا إلى الظنون ( !! ) فيقولون : ( أظن هذا النسب من عقب علي الهادي !!! ) ويثبتون ذلك ( !! ) وكأن الأنساب مزاجية على الكَّيف ( !! ) بنفجال قهوة يُبدل ويصحح بالظنون ( !! ) .

وهذا الظن المقيت ( !! ) خالي من البراهين والحُجج ، فأين الأدلة والبراهين على أن هؤلاء من عقب علي الهادي وليس العسكري ؟!!!

فإن لم يأتوا بأدلة علمية واضحة في نفس الجذم المُشار لهم  ، فالنسب باطل فلم يثبت للعسكري عقب كما هو عند دهاقنة أهل التحقيق .

2ـ  عندما يُبين فحول أهل النسب أن ذاك الرجل الذي ينتسب له بعض الناس ( !! ) لا صلة له بالشرف ( !! ) أو لا صلة له بهذيل أو جُذام أو أو .... الخ ، يتحول هؤلاء الأدعياء لمنهجهم المسخ للترقيع ( !! ) فيقولون : ( لا ؛ هم ليسوا من ذاك الرجل إنما نظن أنهم من عقب أخيه أو ابن عمه ) ( !!!! ) ..

طيب وما هو البرهان والحُجة على هذا الظن ؟!! .. لا شيء ( !! )  لا دليل ولا برهان  إنما هي ظنون أهل الكذب والارتياب ...


وكتبه :

أحمد بن سليمان بن صباح أبو بكرة الترباني .




[1] ـ ( 4/324) .
[2] ـ البخاري ( 6064 ) .
[3] ـ ( 1/ 303 ) .
[4] ـ ( 16 / 331 ) .
[5] ـ ( بغية الطلب ) ( 1/465) .