لقد عدَّ أهل التاريخ " قبيلة الترابين
" من زُعماء القبائل اليمانية في فلسطين ، ولم يَذكر نسابة عربي أو مؤرخاً
أجنبي أن " قبيلة الترابين " تُنسب إلى كرشاء قُريش !! .
والأنساب لا تُقبل هكذا مُجرد " إجماع
أعيان القبيلة " بل وجب البيان والحجة من أقوال أهل النسب .
فكم من قبيلة عربية قُحة أجمع أهلها بأنهم
من }
عقب خالد بن الوليد { أو } عقب أبو عبيدة عامر بن
الجراح { فلم يُفد إجماعهم شيئاً ، وذلك
لمخالفة علماء النسب والذين بينوا ( انقطاع عقب خالد بن الوليد وأبو عبيد عامر بن
الجراح ـ رضي الله عنهم ـ ) .
فليست العبرة بإجماع شيوخ القبيلة ، إنما
العبرة بالحُجج العلمية والشهرة السالمة من } الجرح و مخالفة أهل النسب { .
فقد ذكرت ( الموسوعة الفلسطينية )[1]أن
الترابين من القبائل اليمانية ، ومن المعلوم أن ( قُريش ) ليست يمانية ، فلو كانت
قبيلة الترابين تُعرف بقرشيتها لذكرت ذلك ( الموسوعة الفلسطينية ) إنما هي قبيلة
يمانية .
وكل أهل التحقيق من علماء النسب والتاريخ
ذكروا قحطانية الترابين ولم ينسبهم أي نسابة أو مؤرخ إلى قريش !
وإجماع شيوخ القبيلة بفلسطين على أنهم من ( قُريش !! ) دلالة على عدم حفظ القبيلة لنسبها ، وذلك لأن إجماع ترابين سيناء والأكثر عدداً عكس إجماع ترابين فلسطين ، وهذا يبين لنا التناقض والتضارب في رواياتهم ، مما يُبين لنا أن النسب قد نُسي عندهم ، وجنحوا إلى أنساب لا تمت لهم بصلة ، فصار نسبهم الحقيقي ( الجُذامي اليماني ) عندهم مهجوراً .
فنسب قبيلة الترابين عند أهل التاريخ في دائرة
( بقوم أو عطويون ) وقد بينَّا عدم صحة
بُقمية الترابين ولا علاقة لهم بـ ( تُربة ) كما بين ذلك نسابة الجزيرة حمد الجاسر
، إنما هي قبيلة عطوية جُذامية ضاربة أوتادها في شمال الحجاز منذ القِدم ، واسم (
الترابين ) نسبة لوادي تُربان من أحواش جذام .
فلا ذكر لقُرشية الترابين المزعومة في كتب
الأنساب ، ولا يوجد في الكتب المُعتنية بأنساب القرشيين ذكر " الترابين
" أبداً .
حتى القماشين والحواشين كأمثال " كمال
الحوت " لم يذكر في كتابه ( جامع الُدرر البهية لأنساب القرشيين في البلاد
الشامية ) ذكراً لقبيلة الترابين !! .
وهذه الكُتب التي أختصت في تواريخ قبائل فلسطين وأنسابها لم تنسب الترابين إلى قُريش أبداً .
ولو كانت قبيلة الترابين قُرشية النسب فهل
يخفى ذلك على علماء النسب والتاريخ ؟! .. فقد مرَّ الرحالة العرب والعجم في ديار
الترابين وكتبوا عنها فلم يذكر أحدهم بأن الترابين من قريش ( !! ) بل كلهم على
يمانية الترابين .
بل لم تتوفر ( الشهرة ) في هذا النسب
المُحدث ، إنما شهرة نسب القبيلة عند أهل التاريخ أنها من القبائل اليمانية ، وهي
شُهرة سليمة من نواقض الشُهرة النسبية كما في قواعد علم النسب .
فدعوى قُرشية الترابين ليست لها قبلة ولا
محراب ، وليس لها عاضد من أقوال أهل التحقيق .
أما من زعم بأن المؤرخ عارف العارف نسب
الترابين إلى قريش !! فهذا افتراء على العارف حيث أنه لم يؤمن بإدعاء الترابين ،
فهم يتمسكون برواية العارف التي حكاها على لسان القوم لا لسانه ولكنه أبطلها
ونقضها .
ينشر البعض قول العارف في ( تاريخه )[2]
: ( الرأي الشائع بين الترابين أن جدهم عطية وهو من الحجاز ومن قريش ) .
وهاك أخي القارئ قول المؤرخ العارف في عدم
إيمانه بهذا القول وبطلانه كما في ( تاريخه )[3]
: ( ولقد بحثت بين العربان لاسيما " كبار الترابين " أنفسهم على أمل أن
أعثر على معلومات صحيحة وأخبار ثابتة عن أصلهم ومنشئهم وتاريخ مجيئهم لهذه البلاد
فلم أنل أمنيتي ، وكل ما استطعت العثور عليه في هذا الصدد أقوال متناقضة وآراء
متضاربة مبعثرة ... ) .
قلت : فالمؤرخ العارف يبين بأن روايات
الترابين عن نسبهم ( القُرشي !! ) ليست صحيحة وغير ثابتة ومتناقضة ومُبعثرة ، فكيف
بعد هذا القول يُنسب للعارف كلاماً لا يؤمن به وأبطله ؟!!.
ناهيك بأن أصحاب المصادر القديمة والذين
عايشوا أجداد قبيلة الترابين لم ينسبوهم إلى ( قُريش ) إنما نسبوهم لبني عطية
القبيلة الأم والتي أنسلَّ منها ( المعازة ـ القاطنين الآن بتبوك ـ والعمارين ،
والوحيدات ... الخ ) .
وقد يظن بعض قِصار العقول بأننا ننسب
الترابين إلى ( المعازة ـ القاطنين بتبوك الآن ـ !! ) وهذا فُحش وسقامة فِهم ، فإن
المعازة فرعاً من قبيلة بني عطية الأم والتي خرج منها بطون عدة كـ ( الترابين
والوحيدات ... الخ ) .
وقد بين هذا نسابة عصره الجزيري وكذلك دفتر
أمير غزة في القرن العاشر .
فأعلم أخي القارئ الكريم أن الأنساب لا تأتي
عُنوة أو على منهج ( عنزة ولو طارت ) إنما الأنساب تُساق لها الأدلة من أقوال أهل
النسب والتاريخ ، أما دعوى قُرشية الترابين ومخالفة السواد الأعظم من علماء النسب
والتاريخ ، فهذا لعمرك لا يقبله العقلاء من الناس .
هذه كُتب الأنساب أخي القارئ منشورة
ومتواجدة لن تجد فيها قولاً ينسب الترابين إلى قُريش ، ولن تجد حائطاَ تستظل تحته
في قُرشية الترابين المزعومة .
ولو كُنا من قُريش فهل تظن أخي القارئ أننا
نرفض ذلك ونستبدله بنسب آخر ؟! لا والله ، ولكن القول بقُرشية الترابين ليس له قبلة ولا محراب .
.... يُتبع في { الحلقة الثانية } .
وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صباح أبوبكرة الترباني .