ينشّر
المُتّحير الصّيخان على موقع " تويتر " بعض جهالاته وأباطيله في أصولِ
علم النسّب، ومن شعاره استنقاص قدر العلماء وطلبة العلم ومحاولة وضعهم عن منزلتهم
العلمية في معرفة الأنسّاب، من باب الحسّد والخصومة، ومن صفات هذا الصّيخان
المُتّحير، الكذب واللؤم.
بداية:
كنت قديماً على تواصل مع هذا المُتّحير
الصّيخان، وكانت بيننا مراسلات علمية عبر " الواتس آب " و " تويتر
" وكنت من باب الأمانة، أوثق بعض الفوائد التي يُرسلها لي باسمه في بعض
مقالاتنا العلمية على الصحف الأردنية، وكان يفرح بذكرنا له في هذه الصحف لحُبه
للتصّدر .
وبداية
الخلاف بيننا وقع لمّا عرف رأيي حول " الحمض النووي " وبطلان استعماله
في معرفة أنساب قبائل العرب، فقام بالاتصال بي عبر الهاتف وتحدّث عن فضائل الحمض
وأنه قد كشّف ـ على زعمه ـ كثير من الأنسّاب الباطلة ومن هذه الأنساب ( أشراف
الحجاز ) وأنّ قسّم كبير منهم كشّف الحمض حقيقة أنسابهم وأنهم من أصول شركسّية لا
هاشمية ! وادعوه للمباهلة إذا أنكر .
فزجرته
عن قوله، وذكرت له أن أشراف الحجاز ـ بشكل عام ـ أنسّابهم من أوضح أنساب العرب
المعاصرة، لعنايتهم الشديدة بها، فلما شَّعر أن سُّمومه لا مكان لها عندنا، قام
يتملّص ويقول: أن علم الحمض النووي قادم.
ثم
بعدها بوقت قصير، كتبت تغريدة عن بطلان استعمال الحمض في معرفة أنساب العرب، فجاء
كالمصّعور وأساء أدب الحوار، ومن هنا حصل الافتراق والخلاف.
وقبل أيام من كتابة هذه المقالة، تكلمت بكلمة قصيرة مُسجلة حول
" الحمض " وبيان حال أصحابه، فقام وكتب تغريدة فاسّدة تبين لؤم طبعه،
ووصفني فيها بأنني ( نُكرة ! ) وهو قبل الخلاف ـ قديماً ـ كان يقول بأن مقالاتي
تدل على تمكن بعلم النسّب، كتب ذلك عندما طلبت منه أن يطّلع على مقالاتنا المنشورة
على الصحف، ويقرظها لأنشرها في كتابي " الكنّاش " من باب الأخوة
العلمية، فكتب لي رأيه في بيان قال فيه: ( .. وقد قمت بقراءة تلك المقالات فوجدت
بها علماً غزيراً، يدل على تمكن صاحبها من فنيّ التاريخ والأنسّاب ) كما في الصورة:
واليوم لأن
كلامي يُخالف هواه، بخصوص كلمتي المُسّجلة في مكتبتي، حول الحمض النووي، وصفني بأنني ( نُكرة ! وأبا الحصين ) كما في الصورة:
فتذكرت وقتها قول الحافظ ابن حزم كما
في " مداواة النفوس " ( ص38): ( لقد طال همّ من غاظه الحق ) .
وتلون
المُتحير الصّيخان صفة ثابتة فيه، فقد لمز وغمز في غيرنا ممن كانوا على علاقة طيبة معه، مثل: ( الشريف النسّابة إبراهيم الهاشمي الأمير و الدكتور المؤرخ فايز
البدراني )، فهذا المُتَّحير الصيخان لا عهد له ولا وفاء ولا يتدين بالأنسّاب، فقد قام بمدحِ كتابات المدعو
ابن طما ـ غفر الله له ـ في نسّبة بطون قبيلة حرب للأنصار، نكاية بالبدراني
والتشغيب عليه.
وكلامه
ولمزه وغمزه عندنا لا وزن له، وكما قال العلامة أحمد بن عيسى النجدي في "
تنبيه النبيه والغبي " (ص286): ( ولا عبرة بكلام ابن السبكي، لأنه كثير الكذب
والمجازفة والتهور ) وليته وقف عند هذا، بل قام واسقط معرفة الإمام الحافظ
السّمعاني ورماه بالضعف وقلة التحقيق في الأنسّاب، وقد رد على أباطيله الشيخ نظر
الفريابي وكشف تعالمه وجهله.
ومن
العجب، وكما قال أهل العلم: ( لا يزال الناس بخيرٍ ما تُعُجِّبَ من العجَّب ) أن
هذا المُتَّحير الصيخان متعصب جداً للحمض ولا يُعرف عنه أنه درسّ أصوله ولا تخرج
من بيوته، وإنما هو كركوز يأخذ عينة ويُرسلها للشركات الغربية، ويستقبل منها
النتيجة، وبناء على هذه النتيجة الصادرة من تلك الشركات يتكلم على أنسّاب العباد
ويُظهر نفسّه على أنه من علماء الحمض، ولعل هذا الحمض فكَّ حيرته في نسّبه وأبعد
شكّه، تعصّب له وشنّع على كل من يُبطل استعماله في معرفة أنساب قبائل العرب؛ لأن
ببطلانه يعود لحيرته وشكّه.
وبعد
هذه العتبة، نشرع في بيان أباطيل هذا المُتَّحير وفسّاد قواعده واستنقاصه لقدر
العلماء، وقد جعلت الحلقة الأولى، على هذا النحو:
1ـ
قاعدة فاسدة من تقعيدات المُتحير الصّيخان.
2ـ رمي
المُتحير الصّيخان الحافظ النسّابة السمعاني بالضعف في معرفة الأنساب والتحقيق
فيها.
3ـ رمي
المُتّحير الصيّخان النسابة الهمْداني بالضعف في معرفة الأنساب.
4ـ عمود النسب شرط صحة عند المُتحير الصّيخان
وبيان بطلان قوله.
وأما
الحلقة الثانية فهي خاصة في نقد كتاب " النُبذة الوجيزة " والذي هو على
طريقة " دليل الهاتف " وبيان جهله في الكلام على الأنساب ودروب التأليف،
فأقول وبالله التوفيق:
1ـ ( قاعدة فاسدة
من تقعيدات المُتّحير الصّيخان )
قال
المُتّحير الصّيخان في تغريدة له: ( قاعدة للبحث عن الحق: إذا جاءك من يعترض على
نصٍ ما، لأحد المؤرخين بنصوص قبله أو بعده فلا تقبل كلامه، إلا بنصٍ معاصر له أو
قريب من زمنه ) .
قال
أحمد أبوبكرة التُرباني: هذه القاعدة من كيسه ودليل جهله وبعده عن التأصيل العلمي،
فهو يشترط المعاصرة في ترجيح الأقوال وحتى لو كانت الأقوال لعلماء ثقات متقدمين،
فلا يُقبل كلامهم عنده، إلا بنص لعالم معاصر أو قريب لزمنه!!
وهي
قاعدة تدعو إلى ترك قول الثقة العارف المتقدم والثقة العارف المتأخر وتحصر الأمر
بالمعاصرة!
وعلى
قاعدة هذا المُتحير الصّيخان، لو جاء رجل واستدل بقول عالم مؤرخ متأخر في القرن
الحادي عشر، يُثبت فيه بأن خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ عقبه قائم، فلا يجوز
الاعتراض عليه بنصوص المتقدمين الثقات مصعب والزبير في انقطاع عقب خالد، بل يجب
الاعتراض على قوله بنصوص معاصرة لهذا العالم المتأخر أو قريب من زمنه !
هذه
قواعد المُتحير الصّيخان والتي تبين جهله في التأصيل وقواعد الترجيح، وكما قالوا:
( أطرِق كرا،إن النعامة في القُرى ) .
2ـ ( رميّ المُتّحير الصّيخان الحافظ
النسّابة السمعاني بالضعف في معرفة الأنساب والتحقيق فيها )
قال
المُتّحير الصيّخان في تغريدة له: ( أبو سعد السمعاني التميمي إمام حافظ ومحدث لا
يشق له غبار، لكنه ليس بالنسابة المحقق، أنظر هنا: لم يعرف البطن التميمي الذي
ينتسب إليه أهله ) وقال أيضاً في تغريدة أخرى: ( وهذا دليل آخر على ضعف السمعاني
في الأنساب، فلو كان نسابة محقق ما تابع هذا العامي الجاهل المسمى أبو زيد
الخفاجي، فجعل خفاجة اسم مرآة ) .
قال
أحمد أبوبكرة الترباني: ولي وقفات مع كلام هذا المُتّحير، وبيان جهله وجرأته على
استنقاص العلماء.
أولاً:
من سلفك في رمي الحافظ النسّابة السمعاني بالضعف في معرفة الأنساب والتحقيق فيها؟!
ثانياً:
عدم معرفة النسّابة السمعاني البطن الذي ينتسب إليه أهله، جعلك تصفه بأنه ليس
نسابة ولا محقق؟!! فهل قال ابن الأثير وقطب الدين الخيضري والذين اشتغلوا كتاب السمعاني
مثل قولك؟! ووصفوه بالضعف في الأنسّاب وعدم التحقيق فيها؟! بل كلهم أثنوا على كتاب
" الأنساب " للسمعاني الثناء العطر وكان عكازة العلماء في الكلام على
أنساب الرواة.
ومسألة
عدم معرفة النسّابة السمعاني البطن الذي ينتسب إليه، ليس دليل ضعفه بل دليل علمه
وصدقه،وهو قد عرف بطنه وقال: ( نسبة إلى سمعان بطن من تميم هكذا سمعت سلفي يذكرون
ذلك ) وسمعان الجد الجامع لهم كما قال الحافظ المعلمي ـ رحمه الله ـ (1/15): ( وليس معنى
هذا أنه بطن قديم معروف في الجاهلية، فإن علماء النسب لا يعرفون ذلك، وإنما سمعان
ـ والله أعلم ـ تميم كان هو أو ابنه في زمن الصحابة، وكان فيمن غزا مرو واستوطنها
وكثر بنوه، فنسبوا إليه وبذلك صار بطنا من تميم ) أنظر إلى توجيه الحافظ المعلمي ـ
رحمه الله ـ ما أحسنه، بخلاف كلام هذا الصّيخان الذي أطاح بعلم السمعاني في
الأنساب ورماه بالضعف وقلة التحقيق.
وسمعان
هذا رجل كثر ولده إلى أن صار بطناً كبيراً من تميم، وليس من بطون تميم الجاهلية
ولهذا لا يعرفه العلماء وليس فقط السمعاني، وإنما عرف السمعاني أن الجد الجامع لهم
( سمعان ) من تميم وصار بطنا ينتسب له أهله، واكتفى بالشهرة والاستفاضة الصحيحة
النظيفة التي ذكرها سلفه.
وما
قال العلماء بقول هذا المُتّحير المتلّون بأن السمعاني ليس محقق وضعيف في الأنساب،
ثالثاً:
جعل السمعاني خفاجة جد القبيلة المعروفة اسم امرأة، من الأخطاء التي يقع فيها غيره
من علماء الأنساب، ولا ندّعي لهم العصمة من الأوهام والأخطاء، وكثير من علماء
النسب وقعوا في بعض الأوهام كما وقع السمعاني في بعض الأوهام والأخطاء، ولا يجوز
لنا أن نأخذ هذه الأخطاء لنسقط معرفتهم وتحقيقهم للأنساب كما يصنع هذا المُتحير
المتلون، فقد تعقب العلماء كلام السمعاني هذا ولم نجد من وصفه بالجهل والضعف في
علم الأنساب إلا هذا المُتّحير.
وقد
ردّ عليه قبلنا الشيخ نظر الفريابي وبين زعارته وقلة علمه وجرأته في رمي السّمعاني
بالضعف والجهل في الأنسّاب.
و لو قرأ
العلماء كتاب هذا المُتحير الصّيخان ( النبذة الوجيزة في أنساب أسر عنيزة ) والذي
هو على منهج " دليل الهاتف " وخلوه من التحقيق على قول أهل الشام: ( خبط
لزق ) وسمعوا كلامه في تضعيف الإمام السّمعاني في معرفة الأنسّاب والتحقيق فيها،
لقالوا: ( هذا زمان لكع ) وكما قال ابن الجوزي في " آفة أصحاب الحديث "
( ص71): ( وقد عشنا إلى زمان لا يكتفي جاهلهم بجهله، حتى يعترض على من هو أعلم منه
) .
3ـ ( رمي المُتّحير الصيّخان
النسابة الهمْداني بالضعف في معرفة الأنساب )
قال
المُتَّحير الصيّخان في تغريدة له: ( الهمداني ضعيف في الأنساب ولا يعول عليه ).
قال
أحمد أبوبكرة التُرباني: أنظر أخي القارئ إلى زعارة هذا المُتّحير واستنقاصه لقدر
العلماء وتضعيفهم، لمجرد وقوعهم في بعض الأخطاء والأوهام، وسوف ننقل للقارئ الكريم
أقوال علماء النسّب والحديث في الهمْداني وأنه حجة في الأنساب، ليعلم تهور هذا
المُتَّحير وجرأته في إسقاط علماء النسّب:
1ـ قال
الحافظ النسّابة عبد الغني الأزدي ( ت409هـ ) عن النسّابة الهمْداني: ( عليه
المعول في أنسّاب الحميريين ) .
2ـ قال
الحافظ النسّابة الرشاطي ( 542هـ ) عن النسّابة الهمْداني كما في " اقتباس
الأنوار " ( 178): ( والهمداني في نسب حمير يُتبع، لأنه اعتنى به اعتناء
كثيرا والله أعلم ) .
وقد
اعتمد على النسّابة الهمْداني علماء الحديث في كلامهم على أنساب الرواة، ووصفوه
بالنسّابة مثل: ( النسّابة مغلطاي والمؤرخ ابن الأثير وتقي الدين الفاسّي ... )
وغيرهم الكثير، ومن طالع مؤلفاتهم عرف ذلك.
ولجهل هذا المُتَّحير الصّيخان بأصول وقواعد علم الأنسّاب، قام يُسقط أهل النسّب لمجرد
وقوعهم في بعض الأخطاء والأوهام والتي لا يسّلم منها البشر.
والذي دفع هذا الصّيخان المُتحير لإسقاط
الهمْداني، قوله عن آل حمدان أنهم من موالي تغلب، فأخذ هذا وطار لتضعيفه بالمرة وإسقاطه،
وإن كان قول النسّابة الهمداني جانب الصواب ولا يصح، فلا يُعقل أن ننسفه ونسقطه
ونضعفه، هذا مسلك هالك يحصد الأخضر واليابس.
ولعل
هناك شُبهة دفعت النسّابة الهمداني إلى هذا القول، لاسيما وأن المؤرخ ابن العديم
نقل في " بغية الطلب " (3/171) عند كلامه على آل حمدان: ( ومن قال أنهم
موالي إسحاق بن أيوب فالظاهر أراد أنهم موالي الموالاة؛ لأن الذين اسلموا على يده
موالي موالاة لا موالي عتاقة ) ونقل أيضا ابن العديم (3/171) قول الوزير المغربي:
( وبعض حساد هؤلاء القوم يرميهم بالدعوة، ويقول أنهم موالي إسحاق بن أيوب التغلبي
وذلك باطل، وأصله أن كثيراً منهم اسلموا على يد إسحاق بن أيوب ) فظن النسّابة
الهمداني أنهم موالي عتاقة، فنقول: ( قد جانب الصواب الهمْداني في نسبِ آل حمدان )
هكذا توجيه أهل العلم وإحسان الظن بالعلماء، وليس كما يصنع هذا المُتَّحير الصيخان
ويسقط العلماء ويُضّعفهم ويجردهم من علومهم لمجرد وقوعهم في الأخطاء والأوهام.
وحتى يسّتفيد هذا المُتحير ويعلم كيف تعامل
العلماء مع نصوص النسّابة الهمْداني، نقول:
أولاً:
أن كلام النسّابة الهمْداني في أنساب القبائل اليمانية حُجة وعليه المعول، بشهادة
علماء النسب كما تقدم.
ثانياً:
أن كلام النسّابة الهمْداني في أنساب القبائل العدنانية يُقدم غيره عليه، لعدم
اختصاصه فيهم.
وقد
يقول قائل: " كلام المُتّحير الصيخان وتضعيفه للنسّابة الهمْداني، جاء عند
كلام الهمْداني على أنساب آل حمدان لا في
أنساب اليمانية " نقول: هذا باطل، فهو ممن يثني ويزكي كتاب " وقفات مع
الهمداني وكتابه الإكليل " لابن طما ـ غفر الله له ـ والذي فيه الطعن في علم
النسّابة الهمْداني وإسقاطه ووصف الهمْداني بالكذب والتضليل، وكتاب " الإكليل
" في أنساب أهل اليمن حُجة عند علماء أهل الحديث كما تقدم، ولم يطعن فيه إلا
بعض أعيان فرقة الزيدية، ومن المتأخرين ابن عقيل الظاهري تعصباً لمعشوقه ابن حزم
الظاهري لما وجد أن النسّابة الهمداني يخالف قول ابن حزم، وقد بينت تناقضاتهم في
رسالتي " القول المنصف في توثيق الهمداني في أنساب اليمن والرد على القول
المجحف ".
فهذا
المُتَّحير الصيخان غير مؤصل وبعيد عن منهج أهل الحديث والنسب.
3ـ (عمود النسب شرط صحة عند
المُتحير الصّيخان وبيان بطلان قوله ) .
قال
المُتَّحير الصّيخان في تغريدة له: ( عامود النسب هو شرط مهم لصحة الانتساب وليس
شرط كمال كما يرى البعض .... ) .
قال
أحمد أبوبكرة التُرباني: لجهل هذا المُتحير الصيخان بأصول وقواعد علم النسب، خرج بهذه الأباطيل، ولبيان هذه المسألة ليستفيد هذا المتَّحير:
أولاً:
أن صاحب الشُهرة والاستفاضة الخالية من المخالفات العلمية والجرح المفسّر، لا
يُلزم بذكرِ عمود نسّبه وليس شرطاً لصحة نسبه كما يتوهم هذا المُتّحير الصّيخان،
فقد قال الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " (1843) عند ترجمة الصحابي جيّاش بن قيس
القشيري: ( وذكر أبو محمد ابن حزم، فقال: جياش بالجيم، وهو الذي وصل نسبه إلى
قشير، وما أظن نسبه متصلاً بهؤلاء الآباء، ولعله أسقط من آبائه بعضهم ) ومع هذا رفع
الحافظ ابن عساكر نسبه إلى قشير، ولم يشترط لصحة نسبه إلى قشير عمود نسب، ولم يؤثر
فيه السقط، لماذا؟ لأن له شهرة صحيحة .
وقال الحافظ
الذهبي في " السّير " (5/398) عند نسبِ أبي إسحاق السبيعي: ( لم أظفر له
بنسب متصل إلى السبيع، وهو من ذرية سبيع بن صعب ) ومع عدم وقوف الحافظ الذهبي على
عمود نسب لأبي إسحاق السبيعي، أقر بنسبه لماذا؟ لأن له شهرة صحيحة خالية من
المخالفات العلمية إلى سبيع بن صعب.
فهل
يستطيع هذا المُتّحير الصيخان أن يأتي لنا بعمود نسبه إلى الجد الجامع للقبيلة
التي ينتسب لها؟ وأن يكون هذا العمود مشهوراً في كتب الأنساب؟ طالما هذا هو شرطه؟!
فنطالب المُتّحير الصيخان بذكر عمود نسبه إلى جد
القبيلة التي ينتمي إليها وأن يكون عمود نسبه مشهوراً في المصادر العلمية، وهو ملزم
بشرطه.
فإن
كثير من أبناء القبائل العربية المعاصرة لا يحفظون أعمدة أنسابهم إلى جد القبيلة
الجامع لهم، وإنما غالب حفظهم إلى عشرة أجداد أو فوق ذلك بقليل، ومن حفظ فلا يسلم
عمود نسبه من السقط والزيادة والتكرار، فلا يخدش هذا في أنسابهم ولا يزحزحها عن
محلها، فإن الشهرة والاستفاضة الصحيحة والعلمية تكفي في نسبتهم لقبائلهم كما أجمع
علماء الإسلام؛ لأن الأصل في ثبوت الأنساب هي الشهرة الصحيحة الخالية من المخالفات
العلمية.
فكان عمود
النسب ( شرط كمال ) لمن حاز على الشهرة والاستفاضة الصحيحة الخالية من المخالفات
العلمية والجرح المفسّر ممن يُعتد برأيه في الأنسّاب.
ثانياً:
ولهذه القاعدة ( عمود النسب شرط كمال لا
شرط صحة ) استثناء، وذلك إذا قدم دَّعي النسب عمود نسب فيه سقط، أو خلل، أو مركب،
يكون عمود النسب في حقه شرط صحة، لماذا؟
لأنه
فاقد للشهرة والاستفاضة الصحيحة بذاك النسب، والأدلة كثيرة، منها أن الحافظ الذهبي
أبطل نسب ابن دحية الأندلسي في " الميزان " ( 3/186) قائلاً: ( فهذا نسب
باطل لوجوه:
أحدها:
أن دحية لم يعقب.
الثاني:
أن على هؤلاء لوائح البربرية.
وثالثها:
بتقدير وجحود ذلك قد سقط منه آباء، فلا يمكن أن يكون بينه وبينه عشرة أنفس ).
فابن
دحية الأندلسي تكلم العلماء في نسّبه وبينوا أن دحية انقرض ولده، وكان عمود نسّبه
فيه مخالفة علمية و سقط كثير، وعلى أسماء أجداده لوائح البربر، فكان هذا دليلاً
على بطلان انتسابه، ولهذا كان عمود النسّب هنا ( شرط صحة ) للنظر فيه.
فهذا
المُتّحير الصيخان لا يعلم ما يخرج من رأسه، لجهله في أصول وقواعد علم النسب
وطريقة السلف في التعامل مع أنساب العباد.
كتبه:
أبوسَّهل أحمد أبوبكرة التُرباني
الأردن
ـ جرش
11/ ذو الحجة / 1440هـ