موقع المؤرخ النسابة أحمد أبوبكرة الترباني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وبعد :

فهذه مقالة صغيرة جمعت فيها بعض الفوائد النسبية والتاريخية والتي استخرجتها من مجالس الشيخ " محمد بن عمر بازمول والشريف نواف بن غالب " ـ حفظهما الله ـ وقد علقت على بعضها لتوضيح الفائدة .

والنسابة أو طالب علم النسب ، يجب أن لا يُفَّوت مجالس أهل العلم ؛ لأن هذه المجالس يتم فيها المذاكرة العلمية ويُستطرد فيها من الفقه وإلى التاريخ ومن التاريخ إلى النسب ، وقد تتضح له مسألة تاريخية أو يلتقط فيها دُرة غالية أو يُصحح فيها فهمه ، وأيضاً من فوائد هذه المجالس التي نشرها شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ أنه يتم فيها ذكر الحضور وذكر أولادهم ، مما يجعلك على معرفة بعقبِ ضيوف هذا المجلس الطيب ، ومثاله قول شيخنا محمد بازمول : ( وحضر في المجلس زياد وحمزة حفظهما الله أولاد سيادة الأستاذ خالد باقيس صاحب الدعوة، كما حضر معي ابني مالك وفق الله الجميع ... ) فتأخذ فكرة عن عقب هؤلاء الأعلام ، ويُذكرني هذا بتلك التقييدات التي نُقيدها من خلال ( سماعات الأجزاء الحديثية ) لمعرفة أعقاب العلماء من خلال سماعاتهم ؛ لأنهم يحضرون أولادهم للسماع والاجازة .

ومن باب الفائدة ، فإن لفظ ( با ) قبل أسماء الأسر الحضرمية ، مثل = ( بازمول ، باقيس ... ) فإن الــ ( باء ) هنا بمعنى : ( بني ) أي : ( بني زمول ، بني قيس ) وقد ذكر هذه الفائدة المؤرخ مستقيم زادة في ( مجلة النصاب في النسب والكنى والألقاب ) .

ومِن نِعم الله علينا أن سخر الله لنا شيخنا " محمد بازمول " بنشر هذه المجالس في صفحاته على ( مواقع التواصل الاجتماعي ) وإلا فإن هذه المجالس مقصودنا ولها تهتز قلوبنا ، لتقييد مثل هذه الفوائد .

ونشرع الآن في لُب رسالتنا :

                                 ( حِفظ شعور المنتسب حتى يتبين له العلم )

ذكر شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ في مجلسه رقم ( 35 ) عند ذكر ( قبيلة العجمان ) وذاك القول الشاذ في نسبتهم للأشراف : (... يخبرنا سيادة الشـريف في مجلس آخر؛ يقول: كان سفر فضيلة الشيخ العجمي، في اليوم التالي، فأخذته أنزله إلى المطار بسيارتي، يقول: والأخ ماشي على أنه من آل البيت؛ فقلت له: يا أبا ناصر هذا تمشيه معانا في المجلس أمام الشيخ بازمول، أمّا معايا فلا، ونحن الآن بمفردنا ... ) .

قال أحمد أبوبكرة الترباني : لقد حِفظ الشريف نواف بن غالب ـ حفظه الله ـ شعور الشيخ العجمي عندما طار بهذا القول ، وبين له على انفراد لحفظ شعوره وبيّن له أن هذا القول ضعيف .

وأكثر الناس في مسائل الأنساب ، أنهم يأخذون بالأقوال النسبية دون النظر في صحتها وسلامتها من النقض والمخالفة أو الجرح المفسر في الأنساب ، فأنظر أخي رعاك الله إلى ( النسب الرفاعي ) قد حاز هذا على شهرة عظيمة وتسلموا زمام بعض نقابات الأشراف في الشام والعراق ومصر ، ومع ذلك فإن هذه الشهرة باطلة لتوفر المخالفات والجرح المفسر ، ولهذا ردَّ علماء النسب الثقات النسب الرفاعي وبينوا أن لا صلة لهم بالنسب الهاشمي ، فكيف بمن يتمسك بقول ضعيف وشاذ في نسبة قبيلة قحطانية إلى النسب الهاشمي ؟!!

وطالما نحنُ في حوشِ الشهرة النسبية ، فإن الشهرة لا تؤخذ على عمومها ، هناك ضوابط وشروط قيدها لنا أساتذتنا أهل النسب ، ولو كانت الشهرة تؤخذ على عمومها ، لنسبنا الصحابي الجليل ( صهيب الرومي ) إلى الروم ، وهو من العرب صليبة ؛ ولكن لحادثة معروفة اشتهر بأنه رومي ، وهذه الشهرة تُعرف بالشهرة الاسمية لا يترتب عليها نسب ؛ لأنها أسمية وليست عرقية ، فنحن لليوم نقول : ( قال الصحابي صهيب الرومي ) ولو قلنا : ( قال الصحابي صُهيب النَمري ) لما عرفه أحد وصار هذا من الألغاز ، ولتوضيح ذلك نقول ( صهيب الرومي ) فيعرفه الناس ؛ فهذه شهرة اسمية لا يترتب عليها نسب وإنما فقط للتعريف . 

وأنظر كذلك إلى شهرة قبيلة بني خالد في الشام على أنها من عقب خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ وقد تواترت هذه النسبة بين أفرادها ، ومع ذلك لا يؤخذ بهذه الشهرة ؛ لأنها شهرة باطلة توفر الناقض والجرح المفسر فيها ؛ لأن أهل النسب نقلوا لنا الإجماع على انقطاع عقب خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ . 

وقد بينت في رسالة لي بعنوان  ( منهج أهل الحديث والأثر في التعامل مع انساب الأعلام والقبائل والأسر ) ـ مطبوعات دار ابن الجوزي ـ منهج أهل الحديث في الشهرة النسبية وبيان ضوابطها وشروطها والتي غفل عنها كثير من الناس .  

                                          ( بلدانيات )

ذكر شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ في مجلسه رقم ( 27) عند حديثه عن ( يوسف الأوزبكي ) : (حضر مع فضيلة الشيخ نظام اليعقوبي، شيخ من فلسطين اسمه: يوسف الأوزبكي سلمه الله ، سألته : من أين هذه الأوزبكي؟ قال: أصولنا من أوزبكستان ) .

قال أحمد أبوبكرة الترباني : أسرة الأوزبكي من مسلمة أوزبكستان هاجروا منها إلى ديار بيت المقدس ، وفي كلام شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ فائدة يجب أن تُنشر وهي ( السؤال عن النسب ) فقد كان الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ يسأل عن النسب ، وقد سأل الشافعي تلميذه الزعفراني : ( من أي العرب أنت ) ،  قال الحسن الزعفراني :  ( لما قرأت كتاب " الرسالة " على الشافعي قال لي : من أي العرب أنت ؟ قلت : لست بعربي ، وما أنا إلا من قرية ، يقال لها : الزعفرانية ) فقال له الشافعي : ( فأنت سيد هذه القرية ).

والسؤال عن الأنساب من باب المعرفة وليس ذلك من باب المنقصة ، والنسب كما قال الحافظ الحاكم في ( المعرفة ) ( 170 ) : ( النسب سُئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم فيه ) .

ومن الفوائد التي تتعلق بالبلدانيات ، قول يوسف الأوزبكي : ( قال: المسجد الأقصى مساحته 144 ألف متر مربع :

·         ضلعه الشرقي 474 متراً .

·         ضلعه الغربي 490 متراً.

·         ضلعه الشمالي 321 متراً.

·         ضلعه الجنوبي283 متراً.

وهذه المساحة تضم مسجد الصخرة. ومسجد قبة المعراج، ومسجد الخليل، ومصلى البراق، وهذه على الصحيح كلها المسجد الأقصى؛ لأنها داخل السور المحيط بها جميعها، الذي بناه نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام ).

                            ( أسباب الرحلات الفرنسية لبلاد العرب )

ذكر شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ في مجلسه رقم ( 22 ) زيارة الدكتور الفرنسي ( لويس بلين ) للشريف نواف ـ حفظه الله ـ  حيث قال شيخنا بازمول ـ حفظه الله ـ : ( وفي لقاءنا هذه الليلة قال الشريف نواف حفظه الله: ذكر لي الدكتور لويس بلين، في زيارته، عن سبب رحلات الفرنسيين للجزيرة العربية، إذ هناك أكثر من خمسين رحلة مسجلة لعلماء فرنسيين إلى الجزيرة العربية، قال لويس: في التراث الفرنسي، (جدة) بالنسبة للفرنسيين ، مثل (باريس) اليوم بالنسبة للعرب. وأنهم يعتقدون أن أمنا (حواء) مدفونة بجدة. وأنهم كانوا إذا زاروها انبهروا بجوها وبما فيها !

قال الشريف نواف ـ حفظه الله ـ : فقلت له: ليس هذا هو السبب، بل السبب أن الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت، أحست بخطر الجزيرة العربية، إذ شاهدت رعاياها من شمال أفريقا وغيرها من البلاد التي تحت سيطرتها، إذا رجعوا من الحج بدأوا ينشرون التوحيد، والعقيدة التي تعلموها من علماء الحرمين على ما يسمونه بالمذهب الوهابي.

وأن نابليون كان يحضر بغزوه لمصر لغزو الحجاز، من أجل ذلك، حيث استشعر خطر انتشار هذا المذهب على الجالية الفرنسية.... ).

                                                  ( نسب )

ذكر شيخنا محمد بازمول ـ حفظه الله ـ في مجلسه رقم ( 21 ) نسب الشريف نواف ـ حفظه الله ـ فقال : ( والشريف عبدالمطلب هو الجد الرابع لسيادة الشريف نواف؛ فهو الشريف نواف بن عبدالمطلب بن محسن بن علي بن أحمد عدنان بن عبدالمطلب بن غالب بن مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد بن محسن بن حسين بن حسن بن أبي نمي الثاني. رحمهم الله جميعاً، وغفر لهم وأسكنهم فسيح جناته، وحفظ الله الشريف نواف ووالده، والأحياء من عائلته الكريمة في خير وعافية ).

قال أحمد أبوبكرة الترباني : أشراف الحجاز من أكثر البيوتات الهاشمية حفظا لأنسابهم من الدخلاء وسالمة من الغمز ، فقد قال المؤرخ السمهودي في ( جواهر العقدين ) ( 470 ) : ( فقبائلهم العارية عن عار الدخيل متكاثرة ، وبيوتهم السالمة من تطرق الغمز إليها متوافرة ، يأثرها الخلف عن السلف ، ولا يمترون فيمن حاز منهم نسبه الشريف من أن وسامته على وجوههم لائحة ونفحات أرجه من عرفهم فائحة ، ومن يقل للمسك أين الشذا ؟ أكذبه في الحال من شمه ) .

وقال المستشرق شارل في ( رحلة إلى الرحاب الشريف ) ( 179 )  : ( أشراف الحجاز عموما ، ومكة على الخصوص ينظرون إلى أنفسهم ويُنظر إليهم على أنهم الأحفاد الحقيقيون للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن نسبهم هو الأكثر أصالة والأكثر توثيقا ) .

وهذه الرحلة التي كتبها المستشرق شارل هي في جد الشريف نواف ـ حفظه الله ـ حيث التقى المستشرق شارل بـ ( الشريف عبد المطلب ) وهو الجد الرابع للشريف نواف ـ حفظه الله ـ وبهذا اللقاء سمّى رحلته : ( رحلة إلى رحاب الشريف الأكبر ) .

وقد صنف حبيبنا النسابة الفحل إبراهيم الهاشمي الأمير رسالة بين فيها اعتناء أشراف الحجاز بانسابهم بعنوان ( عناية أشراف الحجاز بانسابهم والمصنفات التي اعتنت بتدوينها ) .

وأشراف الحجاز في كل بيت منهم تجد نسابة يُشجر نسب قومه ويحفظه ويضبطه وممن أعرفهم من أهل النسب على رأسهم النسابة الحبيب إبراهيم الهاشمي الأمير وهو صاحب مصنفات نسبية نظيفة على طراز الحافظ الذهبي ، وكذلك الأخ الشريف حشيم البركاتي والشريف عمر آل زيد وغيرهم الكثير .

وهذه آخر مقالتنا واستخراج الفوائد النفيسة من هذه المجالس العريقة بأهلها وروادها ، ولقد بحثت عن تكلمة سلسلة هذه المجالس كاملة فلم أجدها للأسف وقد كنت أطرب لنبش هذه السلسلة كلها واستخرج الفوائد النسبية والتاريخية .

وكتبه :

أحمد أبوبكرة الترباني

الأردن ـ جرش