نسب الأسرة العلمية ـ بيت الوادعي ـ








قالت العرب : ( لا يتفرس احد بعد اربعين سنة إلا أن يكون من ابناء همدان وأرحب )[1] .

ومن بطون همدان ( وادعة ) وهو وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن رافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان ، قال السمعاني في ( الأنساب )[2] : ( الوادعي: بفتح الواو وكسر الدال المهملة بعد الالف وفي آخرها العين المهملة ، هذه النسبة إلى وادعة، وهو بطن من همدان، وهو وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن رافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان .. ) .
وقال صاحب ( أسد الغاب )[3] : ( وادعة بطن من همدان ) وقال الحازمي في ( العجالة )[4] : (" الوادعي " منسوب إلى وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان، بطن من همدان ) ..
وقد اختلف في نسب ( وادعة ) فمنهم من جعله في ( الأزد ) كابن الكلبي وتبعه على هذا ابن حزم ومنهم من أرجعها لحِمير ، والأصح والأشهر عند أهل النسب أن ( وادعة ) همدانية ، وقد بين صاحب ( الإكليل )[5] العِلة في نسبة البعض ( وادعة ) لـ ( الأزد ) حيث قال : ( معمر بن الحارث الوادعي فولد وادعة عبد ود بن وادعة وناشج بن وادعة. فولد عبد ودّ بن وادعة سعد بن عبد ود بن وادعة وحرب بن عبد ود وربيعة بن عبد ود وأمهم أم عشب ابنة عدي بن ثعلبة بن كنانة بن بارق وهو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء، وهذه الولادة هي التي جرّت غباة وادعة إلى قولهم: نحن من الأزد ).
 وقد كتب أبو عبيدة عامر بن الجراح ـ رضي الله عنه ـ إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يعلمه بما صنع المنذر بن أبي حمضة الوادعي ، فقال عنه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : ( لله در الهمداني ، هبلت الوادعي أمه ) ..

علق الخطابي في ( غريبه )[6]  على هذا الخبر قائلاً : (وَقَوْلُهُ  " هبلت الوادعي أمه " لفظه لفظ الدعاء عليه ومعناه المدح والتقريظ ويقع ذلك في كلامهم على وجهين أحدهما للمدح والآخر للحض والتحريض ، ووادعة بطن من همدان ) .

قال السيوطي في ( لب الألباب )[7] : (الوادعي: بكسر المهملة ثم مهملة إلى وادعة بطن من همدان ).

ومن أهم بطون همدان ( حاشد وبكيل ) .

قال أحمد أبو بكرة الترباني : ومن وادعة عُصارة المِسك علامة اليمن وناشر السُنة فيها وقامع البدعة ( مقبل بن هادي بن قائدة الهمداني الوادعي) .. وفي رسالة الشيخ العلامة مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ  للمؤرخ محمد بن علي الأكوع قال : (وأنا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي الخلالي ، من فبيلة آل راشد . وشيباتنا يقولون : إن وادعة من بكيل ، وأنتم حفظكم الله أعرف بالأنساب مني ومنهم ) ..

فأنظر رعاك الله كيف أرجع العلامة الوادعي ـ رحمه الله ـ نسبه لأهل العلم في الأنساب حيث قال : ( وأنتم حفظكم الله أعرف بالأنساب مني ومنهم ) ..  وإن كان الشيخ مقبل الوادعي من ( بكيل أو حاشد ) فلا يضر ذلك فكلاهما من همدان ، والصحيح أن الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ من حاشد ، فقد ذكر الهمداني في ( صفة جزيرة العرب )[8] : (وسنام الظاهر بلد وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد )  وغيره من أهل النسب كما ذكرت أعلاه.. وقول الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ : ( وشيباتنا يقولون : إن وادعة من بكيل ) .. لعل ذلك جاء من تداخل البطون وهذه سُنة معروفة ، قال ابن قطلبوغا كما عند السبكي في ( طبقاته )[9] : (وبعض القبائل يدخل بعضها في بعض ) والغالب في هذا التداخل يكون بين القبائل المتقاربة في النسب ، فتذوب القبيلة في بطون أبناء عمومتها ..

وطالما نحن في حوش همدان فلابد أن نستطرد قليلا لذكر فائدة مهمة تتعلق بأنساب ( الشعبي ) فقد قال الصحاري في ( الأنساب )[10] : (الشَّعْبِيُّون ، ومنهم علي بن شعبان، وهم رهط عامر بن شراحيل ابن عبد الشَّعْبِي، وعِدَادُه في همدان، فكل من سكن منهم اليمن والشام فهو حميري، ومن كان بالكوفة فهو هَمْدَاني ) .

وأما عن عقب الشيخ العلامة ناصر السنة مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ فليس له عقب من الذكور إلا بنات ، وهو ما يُسمى في مصطلح شيوخنا من أهل النسب ( ميناث أورث )  وبناته ـ رحمه الله ـ من أهل العلم ولهن مُصنفات كـ ( أم عبد الله ) عائشة  إبنة الشيخ ـ رحمه الله ـ

والشيخ مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ نشر السنة في بلاد اليمن وجعل راياتها تُرفرف فيها ، فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته ..

وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صباح أبو بكرة الترباني


[1] ـ ( التعريف ) ( ص 167 ) وجاء في ( الإكليل ) (وتقول العرب‏:‏ لا يتفرس إنسان بعد أربعين سنة فيفرس إلا أن يكون همدانياً لجبلتهم على الفروسة ‏.) .
[2] ـ ( 5/ 556 ) .
[3] ـ ( 1/432) .
[4] ـ ( 1/35 ) .
[5] ـ ( 1/ 17 ) .
[6] ـ ( 2/97 ) .
[7] ـ ( 1/85 ) .
[8] ـ ( 1/ 112 ) .
[9] ـ ( 10 / 120 ) .
[10] ـ ( 1/ 101 ) .

نسب الأسرة العلمية بيت بازمول







يُعتبر بيت " بازمول "  في حضرموت من بطون السكون من كِندة ، ذكر نسبهم ابن جندان في ( مختصره )[1] حيث قال : (  ال بازمول من سكان سيوون ، أصحاب الحرفة والصفق بالأسواق ، وهم من شكامة بن شبيب بطن السكون من كندة  ) . 


قال أحمد أبو بكرة الترباني :  قوله : ( وهم من شكامة بن شبيب بطن من السكون من كندة ) قال القلقشندي في ( نهاية الأرب )[2] : (بنو شكامة - بطن من كندة من القحطانية، وهم بنو شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن كندة )  وإلى هذا البطن يرجع بيت { بازمول } في حضرموت  وقد كانت مشيختهم في رحاب قديما في بيت ( آل باعبدالله ) وهذا البيت له الزعامة على هذه المنطقة كما جاء في ( مجلة العرب ) : (  أن ولاية رحاب كانت لآل باعبدالله  )[3] .. وكذلك أخبرني بهذا شيخنا محمد بازمول مُكاتبة حيث قال : ( وكان الوالد يرحمه الله يذكر لي أن مشايخنا في رحاب يعني القاضي هو من آل باعبد الله ) وقد أنتقل بعض فروع ( آل بازمول ) إلى مكة المُعظمة ومن هذا البيت الكِندي الكريم ( آل بازمول ) شيخنا العلامة مُحمد بن عُمر بن سالم بن أحمد بن عُبود بازمول السكوني الكندي  ـ حفظه الله ـ  صاحب المُصنفات النافعة وقد أملى عليَّ نسبه الكريم مُكاتبة .

وقد أخبرني شيخنا محمد بن عمر بازمول السكوني الكندي ـ حفظه الله ـ عن تاريخ قدوم والده إلى مكة حيث قَدِمَ إليها صغيراً دون سِن العاشرة بعد أن أنهى قراءة القرآن على الشيخ في الكُتَّاب بحضرموت وتعلم القراءة والكتابة ، ولما قَدِمَ مكة اشتغل عند القطان وباسمه كانت تُسمى برحة ـ أي : ساحة ـ في محلة الشامية يُقال لها : ( برحة القطان )[4] ومكث حتى صار في طور الشباب ثم عاد إلى حضرموت وتزوج ، فأنجبت له زوجه ولدا ذكراً اسمه ( محمد ) فلم يلبث أن مات الولد ، فرجع والد شيخنا إلى مكة وطلق زوجته تلك واشتغل بالصرافة وغيرُها حتى تيسر له أمر التجارة في السيارات فكان شريكا لابن حماد اللحياني[5] في معرض السيارات ، ثم بعدها بسنوات فسخ شراكته واشتغل لنفسه في بيع وشراء السيارات ومكث على هذه التجارة حتى أقعده المرض بالبيت ـ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ـ وكان قد بنى عمارة يصرف منها على أولاده ..

وهذا يُبين لك أخي القارئ الكريم سيرة هذا الرجل العِصامي كيف قَدِم صغيراً وأسس لنفسه بيت رزق ، وهذه المعادن الطيبة مِن الرجال هي من معادن كِندة من أحواش حضرموت .. فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته ..

وكان مجيئ والد شيخنا  ـ رحمه الله ـ في زمن الملك العادل عبد العزيز بن سعود ـ رحمه الله ـ
ولـ ( عمر بن سالم بازمول  ـ رحمه الله ـ ) من الذكور : ( شيخنا محمد ، سالم ، أحمد ، مصطفى ) .

وقد وُصِفَ هذا البيت الكريم ( بازمول ) بـ ( الصلاح والخير والعبادة ) كما عند ابن جندان في ( المُختصر )[6].

وقول ابن جندان : ( أصحاب حرفة والصفق بالأسواق )  أي أنهم : أصحاب تجارة  ، فقد أورد البخاري من حديث أبي هريرة : (وكان المهاجرون يشغلهم الصفقُ بالأسواق )[7] قال النووي في ( شرحه على مسلم )[8] : (و "الصفق " هو كناية عن التبايع ) .

 ولكندة فضائل مِنها ما جاء عن جابر بن عبد الله قال : " سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قوله ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) فقال : هؤلاء قوم من أهل اليمن ثم كندة ثم السكون ثم تجيب "[9] .

و ( السكون وتجيب ) من بطون كندة ، وقد يقول قائل من باب نَبش الفوائد : طالما أن السكون وتجيب من بطون كندة ، فلماذا لم يقل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( هؤلاء قوم من أهل اليمن ثم من كندة ) دون أن يذكر السكون وتجيب لأن ( كنده ) جامعة لبطونها ؟!! .

قال أحمد أبو بكرة الترباني : لأن ( السكون وتجيب ) قعدت عن كندة واستقلت بأسمائها ، كما أن غسان اكتفت بمسماها عن الأزد مع أنهم أزديون ، قال ابن الفراء الغساني ( توفي 698هـ ) في كتابه ( نُزهة الأبصار )[10] : ( وخُزاعة وغَسان من القبائل التي اكتفت بأسمائها في الانتساب إلى الأزد مع أنهم أزديون ) وكذلك ( السكون وتجيب ) اكتفت بأسمائها في الانتساب لكندة مع أنهم كنديون .. 

وجاء عند ابن أبي شيبة في ( المصنف )[11] قال هم : ( أهل القادسية ) ولا ضير في ذلك فأغلب أهل القادسية هم من أهل اليمن ..

وقد أنتقل بعض بطون  قبائل حضرموت إلى الكوفة قديماً ، وقد أشار لهذا المتنبي حيث قال :
أمنسي السكون وحضر موت           ووالدتي وكندة والسبيعا 

وهذه المواضع من خِطط الكوفة نزلها بطون من كندة وسُميت على اسمهم ، كما تُعرف بالكوفة ( خطة السبيع ) .. واليوم يتواجد في حَوش الحِجاز الكثير من بيوتات كندة وهم نواقل من حضرموت ..

وكتبه :
أحمد بن سُليمان بن صباح أبو بكرة الترباني
7/ ذو القعدة / 1436هـ

مُلاحظة : ابن جندان لا يؤخذ به إذا أنفرد وخالف ، وقد استشهدت به هنا لأنه لم يُخالف في هذا النسب مؤرخا أو نسابة وليس هناك أي نص ينقض ما جاء به ، ولهذا يبقى النسب على شهرته ويكون صحيحا ، وهناك أنساب ذكرها ابن جندان وردها أهل العلم لأنه خالف فيها أهل النسب ، فهو يؤخذ بقوله إذا لم يُخالف النصوص العلمية وإذا خالف نصا علمياً من نسابة ثبت تُرك ..

[1] ـ ( ص116 ) .
[2] ـ ( 1099 ) .
[3] ـ ( 12/227 ) السقاف .
[4] ـ ومن بيت القطان الشيخ يوسف بن سالم القطان ، عينه الشريف عون الرفيق على مشيخة الجاوه عام 1331هـ، وكان من المعماريين المهرة ..
[5] ـ اللحياني بطن عظيم من هذيل .
[6] ـ ( 117) .
[7] ـ ( 7354 ).
[8] ـ ( 2492 ) .
[9] ـ قال الألباني في ( الصحيحة ) ( 7/1105 ) : ( إسناده جيد ؛ رجاله كلهم ثقات ) .
[10] ـ ( ص 125 ) .
[11] ـ ( 6/554 ) .

زيارتي لشيخنا المؤرخ نوفان السوارية

زُرتُ بالأمس شَيخُنا الأستاذ المؤرخ " نوفان بن رجا السوارية " ـ أبو بشر ـ في بيته العامر ، وتناقشنا حول بعض المسائل التاريخية والنسبية القائمة في " السجلات العُثمانية " .. وفي الحقيقة لا تُمل مجالس شيخنا لِما فيها من الفوائد والدُرر التاريخية .. وهي عندي { ألذُ مِن وصلِ غانية وَطِيب عِنَاق  }  كما قال ذلك الزَمخشري محمود والذي عِلمه لولا " الإعتزال " محمود .

وقد أهداني تحقيقه لكتاب " المُعجم المختص " للمرتضى الزبيدي ، من إصدارات " مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية " ..وهذا التحقيق بالاشتراك مع المؤرخ الكبير " محمد عدنان البخيت " .

وكتبه :
أحمد بن سُليمان بن صباح أبو بكرة الترباني

17/ شوال / 1436هـ