كُتب الأنساب عندي مثل : { سالم } ..!!.




أقصد بـ ( كتب الأنساب ) تلك الكتب التي كتبها الثقات وأهل الدراية ، ولا يدخل في عموم مقصدنا تلك الكُتب التي } تغِث البال وتُكَدِّرَ الخاطر { وخاصة كُتب القماشين والتي هي على منهج } حِشّ وأرمي !! { وما أكثرهم اليوم ، وقد ذكرت بعضهم في كتابي } كُناشة الترباني ـ في الأنساب والتاريخ ـ { .


قديماً تجد الفقيه والمحدث عنده إلمام كبير في } معرفة الأنساب { فلو تصفحت كُتب التراجم أو " مصطلح الحديث " تجد تبويبات كـ (مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ) و (الْأَنْسَابُ الَّتِي يَخْتَلِفُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَ ) و (مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ ) ..

وكذلك يظهر هذا في هجوم علماء الحديث في رد أباطيل أنساب الدولة العبيدية .

وقد اشترط أهل الحديث على طلاب علم الحديث معرفة ( علم النسب ) كي يسهل عليهم معرفة الرواة والتمييز بينهم .

فهذا الحاكم النيسابوري صاحب " المستدرك " اشترط  معرفة الأنساب لطالب الحديث كما في ( معرفة علم الحديث )[1] .

وقال النسابة الصحاري في ( الأنساب )[2] : ( دفعني إلى أن ألفت هذا الكتاب لأني رأيت كُتب الأنساب أكثر معونة وفائدة لطالب الأدب والعلم والفقه من غيرها، لأن طالب العلم والحديث إذا لم يكن يدري علم النسب وسمع حديثاً قد صُحِّف فيه أسم أحد على غير جهته، أو نقل من قبيلة إلى غيرها، جاز ذلك عليه. وإذا كان بالأنساب عالماً، وبالأخبار عارفاً أنكر ذلك ورده إلى نسبه وأسمه، وأتى بالصواب في موضعه وحقيقة أصله. ) .


ولهذا فإن كُتب الأنساب عند أهل العلم كـ } سالم { الذي قال فيه " زهير ابن أبي سلمى " :

يديرونني عن سالمٍ وأريغه          وجلدة بين العين والأنف سالم

وقد تمثل بهذه الأبيات الصحابي الجليل ابن عمر في ابنه ( سالم )  والبعض ينسب هذه الأبيات له وهذا غلط ، فقد قال البغدادي في ( الخزانة )[3] : ( وأخطأ ابن خلف أيضاً في شرح أبيات سيبويه في نسبة هذا البيت لعبد الله ابن عمر، قاله في ابنه سالم، والصواب أنه تمثل به، لا أنه قاله ، وأخطأ صاحب العباب أيضاً في زعمه أن هذا البيت لدارة أبي سالم، والصواب أنه تمثل به أيضاً، فإن البيت من أبيات لزهير بن أبي سلمى ثابتة في ديوانه ).

ونقل البغدادي في ( خزانته )[4] : ( قال شارح ديوانه: كان لزهير ابن يقال له سالم، جميل الوجه، حسن الشعر، وبعث إليه رجل ببردين، فلبسهما الفتى، وركب فرساً له جيداً، وهو بماء يقال لها النتاءة، بضم النون بعدها مثناة فوقية بعدها ألف ممدودة ماء لغني، فمر بامرأة من العرب، فقالت: ما رأيت كاليوم رجلاً ولا بردين ولا فرساً !! فعثرت به الفرس، فاندقت عنقه وعنق الفرس، وانشق البردان ... ) انتهى .

فعلم النسب عند أهل الحديث مثل } سالم { وكما قال من اسمه " سالم  " وهو ابن دارة   :

           " أنا ابن دارة معروفا له نسبي "

ودارة هي أمه وهي من بني أسد ، وسُميت بالدارة لأنها شُبهت بدارة القمر من جمالها[5] .

وكذلك " علم الأنساب " كدارة القمر عند أهل الحديث والفقه والتاريخ .


وكتب أهل النسب عندي مثل } سالم { .

وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صباح أبو بكرة الترباني .




[1] ـ ( 1/ 170) نقلاً من الأخ النسابة إبراهيم الهاشمي الأمير في رسالته النافعة ( نقد الأنساب بعلم مطلب شرعي ) .
[2] ـ ( 12) .
[3] ـ  ( 2/200) .
[4] ـ ( 2/200) .
[5] ـ ( خزانة الأدب ) ( 2/236) .